
تسببت قضية اغتيال عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح للانتخابات المقبلة صفاء المشهداني في هزة سياسية وأمنية واسعة، أعادت إلى الأذهان صور العنف الانتخابي التي حاول العراقيون طيّ صفحتها منذ سنوات. الحادثة لم تكن مجرد جريمة جنائية عابرة، بل مؤشراً خطيراً على هشاشة البيئة الانتخابية واحتمال انزلاقها مجدداً نحو التوتر والصراع الميداني بين القوى المتنافسة.
منذ لحظة الإعلان عن مقتل المشهداني، تصاعد الجدل في الشارع العراقي وبين الأوساط السياسية حول دوافع الاغتيال وتوقيته الحساس، إذ جاء في مرحلة تشهد فيها الساحة استعداداً متسارعاً للانتخابات البرلمانية المقبلة، ما جعل كثيرين يربطون الحادثة بمناخ التنافس السياسي المتشنج، ومحاولات بعض الأطراف التأثير في المزاج الانتخابي لصالحها أو ضد منافسيها.
تأثير مباشر على المشاركة الانتخابية
أحد أبرز التبعات المتوقعة للحادثة هو تراجع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات، نتيجة شعور المواطنين بالخوف أو الإحباط من إمكانية تكرار مشاهد العنف السياسي. فالمشهداني كان شخصية معروفة في مجتمعه المحلي، واغتياله بهذه الطريقة يوجّه رسالة سلبية إلى المرشحين والمواطنين على حد سواء، مفادها أن العملية الانتخابية ما زالت محاطة بالمخاطر والتهديدات.
كما أن الحادثة قد تُضعف ثقة الناخبين بالمؤسسات الأمنية والانتخابية، خصوصاً إذا لم يتم الكشف السريع عن الجناة ودوافعهم، ما يفتح الباب أمام الشكوك حول نزاهة المنافسة وقدرة الدولة على حماية العملية الديمقراطية.
تحشيد مضاد واستثمار انتخابي
في المقابل، لا يُستبعد أن تُستثمر الحادثة من قبل بعض القوى السياسية ضمن استراتيجيات التحشيد الانتخابي، سواء عبر كسب التعاطف الشعبي أو توظيف الحدث لاتهام الخصوم وتحميلهم مسؤولية الانفلات الأمني. مثل هذه السلوكيات، وإن كانت مألوفة في المشهد العراقي، إلا أنها تُعد خطيرة في مرحلة حساسة، لأنها قد تذكي الانقسام وتزيد من حدة الخطاب المتشنج الذي يسبق عادة كل انتخابات.
رسالة إلى السلطات
الاغتيال يضع الحكومة والأجهزة الأمنية أمام اختبار حقيقي، ليس فقط في الكشف عن الجناة، بل في إثبات قدرتها على تأمين المرشحين وضمان سلامة الانتخابات. فالفشل في التعامل مع هذه القضية سيُفسر على أنه ضعف في الإرادة السياسية لحماية الديمقراطية، وقد يدفع مرشحين آخرين إلى الانسحاب أو تقليص نشاطهم الميداني خوفاً على حياتهم.
ختاماً
حادثة اغتيال صفاء المشهداني لا يمكن التعامل معها كجريمة فردية فحسب، بل كحدث سياسي يحمل دلالات أعمق تتعلق بمستقبل الاستحقاق الانتخابي المقبل في العراق. إنها تذكير مؤلم بأن الديمقراطية لا تزدهر في بيئة يسودها الخوف، وأن بناء ثقة الناخبين يبدأ من شعورهم بالأمان قبل أي وعود انتخابية أو برامج سياسية.