الصراع المنفلت..!!



بقلم : مهدي قاسم الدراجي

يُقال ان الخلاف في الرأي لايفسد للوّد قضية، على مر العصور كان الصراع الذي ينشئ بين الأفراد يترجم من خلال المعارك والحروب ويقدم ضرائب الطيش هم (ولد الخايبة).

خلال فترة مابعد ٢٠٠٣ تلك الفترة التي خرج منها العراق شعبا وارضاً كالجسد الذي تلقى طعنات وطعنات جراء سياسة البعث المقبور الذي ملأ العراق وارضه بقبور جماعية لأفراد عراقيين لاذنب لهم سوى أنهم خالفوا حكم البعث سواءً بصوتهم او بسلوكهم الرافض لتلك السياسية، في تلك الفترة اقصد (فترة مابعد ٢٠٠٣) بات العراقي يتنفس الصعداء، وفتح له أبواب إبداء الكلمة وقولها، وطرح الرأي والرأي الآخر بين المجتمع، لنجده ناقداً أعلى الشخصيات في الدولة دون أن يعترض طريقه احد وهذه صور من صور الديمقراطية التي انتظرها الفرد العراقي، حتى ان أصحاب المناصب العليا في البلد أصبحوا عند سماعهم نقدا من قبل الآخرين يلجؤن للقضاء للفصل في قضايا القذف والسب، وتلك خطوة جيدة لإنها تبين ملامح النظام الديمقراطي في العراق.
يعتمد بعض الأفراد اخص الذكر محدودي المعرفة العلمية والعملية على سلوك يتنافى وأشكال الديمقراطية نجد من يستخدم الترويع والترهيب والتهديد بحق من يخالفه الرأي!!، يقول علي شريعتي (رحمه الله) : “من الصعب أن تتعايش مع اناس يرون انفسهم دائماً على حق” !!، في بلدنا مختلف القوميات والمذاهب والملل متعايشين كالجسد الواحد لم يتخذوا من الخلافات التاريخية مبرراً لتأسيس العداء، منطلقين من قوله تعالى : ” تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ماكسبتم”، ولكن اعمق خلاف أصبح في العراق ليس بين طوائفه او قومياته كما اسلفنا، وإنما أصبح الخلاف يكمن داخل البيت الواحد، لنرى الخلاف السياسي هو الطاغي الأكبر الذي بات يهدد النسيج الوطني بين أفراد العائلة الواحدة علما ان الروابط العائلية هي اعمق روابط إجتماعية حتى اعمق بين قومية وقومية أخرى، وبين مذهب ومذهب آخر!!!!!!! لم يشهد البلد صراعاً كبيرا سوى تلك الصراعات السياسية التي باتت تلقي ظلالها وتنخر الجسد العائلي الواحد، وأصبح الصراع صراعاً منفلتاً لاتحده حدود. من يعلم ربما تهديم النسيج العائلي هو ليس إلا طريقة تعمل على تفكيك اواصر العائلة تمهيدا لتفكيك مجتمع بأكمله معتمدين بذلك اللعب على الوتر الحساس الذي يخدم الطبقة السياسية لحرف الانظار عن فشلها وخلق صراع مجتمعي لديمومة بقاء الطبقة السياسية لاطول فترة ممكنة!!!، لقد باتت الخلافات السياسية بين الأحزاب المتحكمة في عقلية الفرد داخل عائلته وأصبح كل فرد تحركه ايدلوجية الحزب تلك الايدلوجية التي عمقت هوة الخلاف وكأن الحزب تأسس لغرض تهديم البناء الأسري!.
ان الصراع الناشئ بين أفراد العائلة الواحدة هو ليس الا صراع يُعد مضيعة للوقت، وقد يخلق عداء مستمراً مشحوناً بالكراهية، تلك العداءات التي تحدث نتيجة الخلافات السياسية تذكرني بقصدة لشاعر عربي يقول وعدت من المعارك لستُ أدري علام أضعت عمري فـي النزالِ، المشاحنات التي تحدث بين العائلة لا أحد يخرج منها رابحاً وإنما الخسارة تكون هي المتسيدة في مجمل القضية، وعليه ان لايتحول الاختلاف بوجهات النظر إلى خلاف عميق يهدد كيان الأسرة الإجتماعي، وختاما، قال تعالى : ” يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفىٰ كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون”، قال تعالى ” ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أَحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين”، يتوجب على الفرد ان يتخذ من الخطاب الإلهي منهج يسير به للتعامل مع الآخرين، وترك الصراعات التي تسبب العداء او تحجيم تلك الصراعات بحدود معقولة عسى ولعلى ان يتحول الصراع المنفلت إلى صراع مسيطر عليه!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *