هل يتحول العراق إلى ساحة مواجهة بين أمريكا وإيران؟

لا تكاد ردود الفعل تتوقف داخل العراق، منذ شنت مقاتلات أمريكية، غارات على قواعد قالت واشنطن، إنها تابعة لكتائب حزب الله في العراق، غرب البلاد مساء الأحد 29 كانون الأول / ديسمبر.

وجاء أحدث ردود الفعل الثلاثاء 31 كانون الأول/ديسمبر، عندما أضرم محتجون النار داخل السفارة الأمريكية، في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد، كما أحرقوا أبراج الحراسة في مقرها، قبل أن يتركوا المكان لدى توافد قوات الأمن إليه، وفي الوقت ذاته، أشارت تقارير إلى أن السفير الأمريكي، وبعضا من طاقم السفارة، غادروا بغداد إلى جهة غير معلومة.

وتطرح الغارات التي شنتها مقاتلات أمريكية، على قواعد لكتائب حزب الله في العراق، وأسفرت عن مصرع حوالي 18 شخصا، بينهم قيادي من كتائب الحزب، وفق مصادر الحشد الشعبي تساؤلا، حول إمكانية أن يتحول العراق، إلى ساحة تصفية للحسابات، بين كل من الولايات المتحدة من جانب وإيران من جانب آخر.

وجاء في بيان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جوناثان هوفمان، بشأن تلك الضربات إنها نفذت “ردا على هجمات متكررة لكتائب حزب الله (العراقي)، على قواعد عراقية تضم قوات” أمريكية، مؤكدا “أنها ستضعف قدرات كتائب حزب الله على شن هجمات مستقبلا على قوات التحالف”.

إيران هي الهدف

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قد توعد الجمعة 13 كانون الأول/ ديسمبر، بالرد بشكل “حاسم” على إيران في حال عرضت مصالح بلاده في العراق لـ “الضرر”، وجاء تحذير بومبيو بعد سلسلة، هجمات صاروخية استهدفت قواعد عسكرية بها قوات أمريكية، وطال بعضها أيضا بعثات دبلوماسية للولايات المتحدة.

وقال بومبيو ساعتها “يتعين علينا اغتنام هذه الفرصة لتذكير قادة إيران بأن أية هجمات من جانبهم أو من ينوب عنهم من أية هوية، تلحق أضرارا بالأمريكيين أو بحلفائنا أو بمصالحنا فسيتم الرد عليها بشكل حاسم”.
من جانبها وفي معرض الرد، على الضربات الأمريكية الأخيرة للعراق، فإن الخارجية الإيرانية أدانت الهجوم، واصفة إياه بالـ “إرهابي”، وقال عباس موسوي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: “ندين بشدة عدوان الجيش الأمريكي على الأراضي العراقية ونعتبر الأمر عملا إرهابيا”.

قوتان متنافستان في العراق

وتمثل كل من الولايات المتحدة وإيران، أكبر قوتين مؤثرتين في صنع السياسة العراقية، ومع كل استحقاق سياسي يجري الحديث دوما، عن معسكرين في العراق، أحدهما مدعوم من قبل طهران، والآخر من قبل واشنطن، لكن الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة، أثارت مخاوف من أن يتحول الأمر من منافسة سياسية على الساحة العراقية، إلى مواجهة عسكرية إيرانية-أمريكية، تتخذ الأراضي العراقية مسرحا لها.

ويحظى الأمريكيون بنفوذ في العراق، بعضه سياسي وبعضه عسكري، منذ لعبهم الدور الرئيسي، في الإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي كان بمثابة عدو لدود لإيران عام 2003، وهو ما ترك الساحة العراقية مفتوحة لتأثير طهران، التي لم تتوان في صنع حلفاء داخل العراق، سواء على المستوى السياسي أو على مستوى الميلشيات.

وقد بدا الخيار الأمريكي الأخير، باللجوء إلى استخدام القوة ضد بلد، ما يزال يعرف كحليف من قبل واشنطن، وقد أصاب كثيرين بالذهول، خاصة مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن ذلك، وتعهدها بمواصلته، في حالة واصل من تتهمهم بشن هجمات، على قواعد عسكرية بها أمريكيون سلوكهم، وهو ما قد يؤدي بالعراق، إلى أن يدفع ثمن صراع يدور أساسا بين بلدين آخرين على أراضيه.