هل نحن بحاجة لثقافة رقمية؟

الكاتب : قاهر عبد الأمير كاظم

الكاتب : قاهر عبد الأمير كاظم


ليس جديداً القول بأن العالم الآن ينحو نحو ثقافة رقمية، قوامها التكنولوجيا وسرعة تبادل المعلومات، فضلا عن تحقيق تواصل أسرع يسهم إلى حدّ كبير في اختصار الوقت والجهد والمال أيضاً، ومع هذا الحضور الطاغي صار الإنسان المعاصر إزاء ثقافة تختلف عن ثقافته التقليدية، وصار لزاما عليه أن يتعرف على الأسس والقوانين العامة التي تحكم عالم التكنولوجيا، لأنها أصبحت متداخلة بل متدخلة في مجمل يومياتنا.
وإزاء هذه الثورة الرقمية نجد أن حضور الثقافة الرقمية في عدد ليس بالقليل من المؤسسات الرسمية وحتى الخاصة حضور هامشي، على الرغم من أنها أسهمت في صياغة الملامح العامة لعالمنا المعاصر.
ويمكن القول إن مفهوم الثقافة الرقمية يصف الكيفية تُشكِّل التقنية والإنترنت الطريقة التي يحصل فيها التفاعل بين البشر والعلاقة التي تجمعهم مع التقنية. إنها الطريقة التي تحثُّنا على تغيير تصرفاتنا وتفكيرنا والآليات التي نتواصل بها داخل مجتمعاتنا. فالثقافة الرقمية هي نتاج تقنيات الإقناع (Persuasive technology) التي تحيط بنا من كلِّ حدبٍ وصوب ونتيجة للابتكار التقني الهائل الذي يفرضه العالم.
يكمن جوهر الثقافة الرقمية في تمكين الفرد على استخدام التطبيقات الرقمية بثقة وكفاءة لإنجاز الأعمال التي يحتاجها، والمقدرة على التوصل إلى مصادر المعلومات، وذلك من خلال استخدامهم للأجهزة الرقمية.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل استطاعت مناهجنا التربوية والتعليمية تزويد الفرد بما يحتاجه من أمور عامة تخص هذا اللون من الثقافة؟
أتصور أننا ما زلنا نجهل الكثير من الأسس العامة لهذه الثقافة، وهو ما جعل أبناءنا وبناتنا عرضة للابتزاز الألكتروني، الذي نسمع الكثير من قصصه المؤلمة التي كان له أثر في تدمير الكثير من الأسر والأفراد على حدّ سواء. هذا الواقع جعلنا نرى عددا من المسؤولين يجهلون أبجديات هذه الثقافة، بل قد تجد أحياناً طالبا جامعيا لم يحصن نفسه بأبجديات المعرفة الرقمية التي يعيشها في كل يومياته.
فعلى الرغم من حضور مادة الحاسبات في مدارسنا وكلياتنا لكن الحاجة اليوم لا تقتصر على معرفة الحاسبة وأجزائها وأهميتها، بل إن عالمنا المعاصر وما يفرضه من أزمات ومشكلات يدعونا إلى أن نبحث في الكيفية التي تسهم في تسليح الفرد بثقافة رقمية، تحميه وتحمي أسرته مما قد يتعرض له من ابتزاز أو مشكلات.
هي دعوة لمؤسسات الدولة وجامعاتها إلى ضرورة إيلاء هذا اللون من المعرفة الأهمية الكبرى؛ لأن الأمية بمفهومها الحديث ليست الجهل بقواعد القراءة والكتابة بل الأمية اليوم أصبحت مصطلحا مرادفا للأمية الرقمية.
ويمكن الاعتماد في هذا الإطار على عدد من الإصدارات التي تسهم في رفع الوعي الرقمي لدى أبنائنا، من خلال تسليحهم بالمعرفة اللازمة التي تحصّنهم من الابتزاز الذي يشيع للأسف في مجتمعنا.
مع الثقافة الرقمية الحديثة شهد العالم أفول الثقافة التقليدية، التي يجب على الجيل الجديد استخدامها ومعرفة مكوناتها وأهم رؤاها، فمع بروزها شهد العالم
المكتبات الرقمية الإلكترونية: والتي تكون مثل المكتبة التقليدية والتي تحتوي على الصور والأوراق الأرشيفية والخرائط والمطبوعات والمواد السمعية والبصرية في الشكل الرقمي التي تكون دفعة واحدة أو بالتدريج، والتي يتم بثها عن طريق شبكة من الحواسيب وتكون في نطاق ضيق أو نطاق مفتوح مثل شبكة الإنترنت.
فضلا عن ذلك بروز لون لون جديد من الإعلام، وهو ما يصطلح عليه بالإعلام الرقمي الجديد الذي يختلف عن الإعلام التقليدي.
وأمام كل هذه التطورات صار لزاما على مؤسساتنا التربوية أن تحيط الطلبة بهذه المعرفة، لما لها من أثر كبير في تحصينهم ورفع مستوى كفاءتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *