الدراما العراقية.. محتوى بلا هوية!!

بقلم : مهدي قاسم الدراجي

يقول المفكر نعوم تشومسكي في علم النفس الجماهيري : هنالك عشرة استراتيجيات للتحكم في الشعوب، من ضمنها : “استحسان الفن الهابط” بمعنى استخدام الفن التافه المجرد من أي هدف يحقق معالجات حقيقية للمجتمع، فضلاً عن إستراتيجية الإلهاء.

مع حلول الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، تتسابق المؤسسات الإعلامية على طرح انتاجاتها الدرامية، لتحقيق تواجدها في البيت العراقي، تعتمد تلك المؤسسات على صياغة قيم على ما يبدو خالية من أي مضمون أو هوية عراقية، بل اعتمدت على نسخ الأفكار من ثقافات مختلفة ووضعتها في قالب هجين لا يتنساب مع الثقافة والهوية الاجتماعية للشعب العراقي الذي عُرف بنخوته وغيرته، شرعت تلك المؤسسات التي تتغطى بغطاء عراقي لتنفيذ أجندات مموليها الخارجيين في بث خطاب موجه اعتمد الايحاءات غير الأخلاقية، فضلاً عن إعتماد متبنيات غير موجودة في المجتمع العراقي واصبحت تعكس الواقع وتحوله كما يحلو لها، يقول أحد المخرجين نتهيء لإعداد الأعمال الدرامية عند إنتهاء شهر رمضان ونشرع بكتابة أعمال تحقق غايات لتسفيه المجتمع!!.

ذكر أحد كتاب السيناريست تعمدنا تشويه الحقائق في أعمالنا الفنية!! ومخرج آخر يقول : نُسخر كافة أعمالنا لضرب الثوابت المجتمعية من خلال تقديم محتويات بعيدة عن المجتمع وتقاليده!! ، كل هذه الأمور تبين مدى الأقلام المأجورة التي يتعرض لها المجتمع العراقي، في حين أن الدراما الخليجية و العربية تقدم أعمال تحقق معالجات مهمة في مجتمعاتهم، آخذين بنظر الاعتبار الثقافة والعادات والتقاليد التي لا يمكن ضرب اي ركن من أركانها، وهنا يتضح أن غياب مفهوم الرقابة من قبل الأعمال الدرامية العراقية جعلت من الكُتاب المخرجين أشبه بعقول مهكرة همها الأول والأخير الماديات غير آبهين بقضايا المجتمع العراقي وكأنما المشكلات التي يتعرض لها المجتمع لاتعنيهم شيءً!!.

أجريت مقابلة متلفزة مع أحد كتاب الدراما قال فيها : ” لقد زورنا التاريخ في الأعمال الدرامية”، وهذا الإعتراف يبين مدى التزوير الموجه للمجتمع العراقي لغرض تحقيق الانسلاخ في قناعته وتقديم التاريخ بشكل يلبي تطلعات الجهة المتبنية للعمل الدرامي، إن التصريح الصادر عنه يستحضر لنا الفتاوى التي كانت تكتب بدافع المال لغرض تلميع تطلعات من يقدم مايراه مناسبا، وذلك الشيء جعل من المتلقي رهين أعمال فنية غير صحيحة تهدف إلى بث أكبر قدر من الأكاذيب لغرض تحقيق أهداف لا تتناسب مع هوية المجتمع العراقي.

غياب المفهوم الرقابي للجهات المتخصصة جعلت تلك المؤسسات الممولة من الخارج تقدم الدراما بما يحلو لها غير آبهة بهوية وأعراف المجتمع، وعليه لابد من وضع قواعد نشر تحقق تقديم أعمال درامية عراقية خالية من أي إساءة قد تلحق بأفراد المجتمع، ووضع قواعد صارمة تمنع الإعلام الموجه والممول خارجيا من تحقيق سياسته ضد المجتمع العراقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *